عمان- أطلق المركز الوطني لحقوق الإنسان اليوم الأربعاء تقريره السنوي الثامن عشر لحالة حقوق الإنسان 2021، وذلك ضمن مؤتمر صحفي عقدته رئيسة مجلس أمناء المركز سمر الحاج حسن، وميسرة أعمال المركز الدكتورة ريم أبودلبوح، بحضور جمع من ممثلي القطاعات الرسمية والمجتمع المدني ووسائل الإعلام.
وقالت الحاج حسن في كلمتها الافتتاحية "إن إصدار التقرير السنوي يعد استحقاقا قانونيا بموجب المادة (12) من قانون المركز الوطني
لحقوق الإنسان رقم (51) لسنة 2006 وتعديلاته، وهو (أي التقرير) يخضع لدراسة جماعية تشاركية من قبل مجلس أمناء المركز، ليُقر بعدها بصورته النهائية من قبل المجلس وفقاً لمقتضيات المادة (14/د) من ذات القانون المذكور". مشيرة إلى ان المركز " يصدر تقريره السنويّ متجاوزًا التحديات التي مرّ بها ومتمسكًا باستقلاليته ومصداقيته وانتظام سير العمل فيه. وتعامل المركز مع تلك التحديات وفق الأصول الإجرائية وسيادة القانون واستمر في أداء مهامه بثبات وعزيمة بفضل متانة النظام المؤسسي الراسخ." مؤكدة على حصول المركز ولثلاث مرات على التوالي على التصنيف (أ) من قبل التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الانسان وهذا التصنيف يعكس مصداقية واستقلالية المركز".
وحول أبرز توصيات التقرير السنوي الثامن عشر، قالت الحاج حسن "إننا ندعو إلى بناء سياسات قادرة على تحقيق مضامين العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروات والخدمات بصورة تحقق عناصر التنمية المستدامة، وتحد من ظاهرة البطالة، وتقلل نسب الفقر إلى أدنى مستوياتها، ويوصي التقرير بإدماج مفاهيم حقوق الإنسان وتجسيدها في المناهج التعليمية، وبناء الشراكات مع المؤثرين وقادة الرأي في مختلف محافظات المملكة".
وفي مجال التشريعات جددت الحاج حسن التأكيد على التوصيات الواردة في التقرير السنوي (السابق) السابع عشر للعام 2020 والمتعلقة بمأسسة نظام وطني فاعل من أجل التشريع، يهدف إلى تحقيق التواصل بين التشريع والمجتمع، ويرتكز على عدد من الأسس المعيارية كالشراكة بين التنظيمات الاجتماعية والحكومة والبرلمان في العملية التشريعية، وتحليل الظواهر الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية في المجتمع من خلال دراسات أثر للتشريعات المقترحة. مؤكدة على ضرورة مراجعة الممارسات المتعلقة بالحريات العامة والتقييدات المفروضة عليها، بما يتواءم مع الدستور الأردني والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
من ناحيتها قالت ميسرة أعمال المركز الوطني لحقوق الإنسان الدكتور ريم أبودلبوح إن إطلاق التقرير السنوي يعد حدثا مهما بالنظر الى دوره في تشخيص واقع حقوق الانسان واليات النهوض بها. وأكدت أبودلبوح في كلمتها الاستهلالية "إن العام 2021 شهد انخفاضاً ملموساً بأعداد الموقوفين إدارياً وقضائياً وفق للإحصائيات الواردة من أجهزة إنفاذ القانون المختلفة، وفي الوقت ذاته سجل المركز عدم تنفيذ أي عقوبة إعدام عام 2021، فيما أصدرت محكمة أمن الدولة ومحكمة الجنايات الكبرى خلال العام ذاته (31) حكماً بالإعدام". وأضافت إن المركز نفذ (60) زيارة إلى مراكز الإصلاح والتأهيل في العام 2021، وبلغ عدد الأشخاص الذين أودعوا في مراكز الإصلاح والتأهيل خلال العام ذاته (18.954) نزيلا مقارنة بـ (17.708) خلال العام 2020، في حين ان الطاقة الاستيعابية لهذه المراكز هي (13.35)، إلا أن هذا الرقم لا يمثل أعداد النزلاء في وقت واحد، وإنما يشمل التوقيفات والإفراجات المستمرة طيلة العام، مؤكدة أنه - وللعام الثالث على التوالي - لم تسجّل لدى النيابة العامة الشرطيّة أيّ شكوى بحقّ العاملين في مديريّة الأمن العام التي تتعلق بشكاوى التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة بحقّ المحتجزين في مراكز التوقيف الأولي.
أما في مجال الحق في حرية الرأي والتعبير والصحافة والإعلام والحصول على المعلومات، أكدت أبودلبوح استمرار الإشكاليات المتعلقة بتطبيق نص المادة (11) من قانون الجرائم الإلكترونية رقم (27) لسنة 2015.
وعلى صعيد الحقوق المدنية والسياسيّة، قالت أبودلبوح "يسجل المركز الخطوات الإيجابية التي شهدها العام 2021 في هذا المجال، حيث جاءت مبادرة جلالة الملك عبد الله الثاني بإعلان رغبته في تحديث المنظومة السياسية، عبر تشكيل لجنة ملكية وضعت قاعدة متينة للارتقاء بواقع الحياة السياسية في الأردن، والتأسيس لمرحلة متقدمة في أسلوب ممارسة السلطة التنفيذية أعمالها وفق رؤية جلالته لمستقبل الأردن السياسي الواردة في مضامين وأهداف الأوراق النقاشية الملكيّة واستناداً لأحكام الدستور من خلال تطوير التشريعات الناظمة للحياة السياسيّة بحيث تصبح منظومة العمل الحزبي البرامجي التعددي المتدرج جزءا أساسيا من النظام السياسي الأردني.
وشددت أبودلبوح على أن المركز رصد خلال العام 2021 توسعاً في استخدام التقنيات الحديثة في التقاضي، إلا أن ذلك لم يمنع من رصد تحديات ملموسة أوردها متن التقرير في تجربة عقد المحاكمات عن بعد، فيما شهد العام 2021 إقرار وثيقة الجلوة العشائرية، التي تختص بمعالجة الآثار السلبية لتقاليد وعادات شائعة كان لها أثراً على تمتع الافراد بحق الإقامة والتنقل.
جدير بالذكر أن التقرير السنوي الثامن عشر أورد إقرار عدد من القوانين والأنظمة والبلاغات الصادرة بموجب قانون الدفاع خلال العام 2021 ، فقد تم سن القانون المعدل لقانون منع الاتجار بالبشر رقم (10) لسنـة 2021، حيث يرى المركز أن القانون المعدل استحدث أحكاماً تضمّنت إدراج التسول المنظم ضمن مفهوم جريمة الاتجار بالبشر، إضافة الى إنشاء "صندوق مساعدة ضحايا الاتجار بالبشر"، والمخصص لتقديم المساعدة القانونية للمجني عليهم والمتضررين من جرائم الاتجار بالبشر، بما يعزز الحماية القانونية من مظاهر استغلال الأطفال في جريمة التسول.
وعلى صعيد محور حقوق الفئات الأكثر حاجة للحماية، فتشير البيانات والمعلومات الواردة في التقرير إلى التطورات التشريعية التي كان لها الأثر في تعزيز وحماية حقوق المرأة والأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن.
كما يشير التقرير إلى السياسات المتخذة والممارسات الفعلية لإعمال حقوق المرأة، لا سيما في قضايا النساء العاملات في القطاع الزراعي، والنساء ضحايا العنف في الدور الإيوائية، وجرائم قتل النساء، وظاهرة الزواج المبكر؛ حيث شهد العام 2021 إطلاق الخطة التنفيذية لمصفوفة الأولويات الوطنية لتعزيز منظومة الحماية من العنف المبني على النوع الاجتماعي والعنف الأُسري وحماية الطفل للأعوام (2021-2023)، والتي تهدف إلى تعزيز منظومة حماية الأسرة والحد من العنف الأسري وحماية الطفل على المستوى الوطني.
كما شهد عام 2021 إطلاق استراتيجية إدماج النوع الاجتماعي في مديرية الأمن العام (2021).
يشار إلى ان المركز عرض خلال حفل إطلاق التقرير السنوي فيديو يوثق لمراحل إنجاز التقرير، مع نبذة عن آلية عمل المركز ورسالته وأهدافه، فيما أجابت رئيسة مجلس الأمناء سمر الحاج حسن وميسرة أعمال المركز الدكتورة ريم أبودلبوح، ومفوضة الحماية بالوكالة الدكتورة نهلا المومني على أسئلة الصحفيين خلال انعقاد المؤتمر الصحفي.