عمان- عقد المركز الوطني لحقوق الإنسان ندوة حول استجابة المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي لجائحة كورونا، وبرامج التدخل التي اتبعتها وأثرها على سوق العمل والعمال.
وشارك في الندوة مدير عام المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي حازم الرحالة، وعدد من ممثلي أطراف العملية الإنتاجية (حكومة – عمال – أرباب عمل) بالإضافة إلى عدد من الخبراء الاقتصاديين.
وفي مستهل الندوة، رحب رئيس مجلس أمناء المركز الدكتور رحيل الغرايبة بالحضور، مؤكدا أن مؤسسة الضمان الاجتماعي تحملت العبء الأكبر خلال هذه الجائحة، ومشيدا في الآن ذاته بدور المؤسسة في حماية قوى الإنتاج من عاملين وموظفين، والحيلولة دون تعرضهم للفصل خلال تلك الفترة الاستثنائية.
وفي كلمته الترحيبية قال المفوض العام لحقوق الإنسان علاء الدين العرموطي، إن الجائحة زادت من حجم التحديات التي يواجهها الاقتصاد المنظم وغير المنظم، حيث توقع مراقبون كثر أن يخسر سوق العمل الأردني نحو 140 ألف فرصة عمل، إلا أن الحكومة جهدت للتعامل مع هذه الأزمة من خلال عدد من أوامر الدفاع (1 – 6 – 9 ... الخ)، ويسجل على هذه البلاغات أن محورها الرئيسي كان أجور العامل حيث أن الأخير هو الحلقة الأضعف في هذه المعادلة، ذلك أن حجم الاقتطاع من رواتب العمال وصل إلى 60% بموجب بعض البلاغات، وكان الأجدى بالحكومة ان تقدم الدعم المالي مباشرة إلى المتضررين.
وأضاف العرموطي أن مؤسسة الضمان الاجتماعي تدخلت لدعم الأفراد والمنشآت بعشرات الملايين، مستعرضا البرامج التي أطلقتها المؤسسة لهذه الغاية والتي بلغت نحو عشرة برامج، كان آخرها برنامج (تعافي). مشيرا إلى أن الانتقادات طالت هذه البرامج من قبيل أن الدعم الذي قدمته المؤسسة انتفعت به المنشآت وليس العمال، حيث اقتطعت جزءا كبيرا من رواتب العاملين لصالح أرباب العمل.
وفي كلمته الافتتاحية للندوة، استعرض المدير العام للمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي حازم الرحاحلة، أدوار المؤسسة قبل وخلال الجائحة، مؤكدا أن تأثير الجائحة كان واسعا ليس على المؤسسة والأردن فحسب بل على العالم أجمع، في وقت لم تتوفر فيه أدبيات وأساليب التعامل مع كوارث مباغتة من هذا النوع.
وقال الرحاحلة أن تركيزنا خلال الجائحة كان منصبا على توفير الحماية اللازمة للمشتركين العاملين في القطاع الخاص، نظرا لأهمية هذا القطاع وتأثيره على الاقتصاد الوطني، أما غير المشتركين فتولى أمرهم صندوق المعونة الوطنية، فيما لم يتأثر العاملون في القطاع العام واستمر صرف رواتبهم بشكل طبيعي.
وأضاف "من هنا تقدمنا بعدة مقترحات للحكومة للتعامل مع الأزمة وتم لهذه الغاية تشكيل لجنة (الحماية الاجتماعية) برئاسة وزير التنمية الاجتماعية، وفي غضون ذلك أقنعنا الحكومة بعد مقترحات وبرامج حماية للمشتركين".
وأكد الرحاحلة أن أول أمر دفاع صدر كان يتعلق بالضمان الاجتماعي، حيث ركزنا على توفير السيولة للقطاع الخاص عبر عدة سياسات منها تأجيل دفع مستحقات الضمان، بقيمة بلغت نحو 120 مليون دينار دون فوائد، وأتحنا للمنشآت تعليق العمل بتأمين الشيخوخة، كما قدمنا مساعدات عينية لنحو 117 ألف أسرة".
مشيرا إلى أننا سننتقل خلال الأشهر القادمة تدريجيا إلى برنامج تعافي وجزء كبير من القطاعات التي مازالت تعمل وفق برنامج استدامة مرشحة للانتقال إلى البرنامج الجديد.
وفي معرض رده على مداخلات الحضور قال الرحاحلة إن المؤسسة سعت في هذا الظرف الاستثنائي إلى إيجاد حالة من التوزان بين مصلحة العامل ورب العمل، وهي مسألة جدلية تحرينا فيها ضمانات العدالة ما أمكن ذلك.
وأعرب الرحاحلة عن استغرابه من الأصوات التي انتقدت تدخل المؤسسة في أدوار غير واقعة ضمن نطاق اختصاصها، وقال هل كان علينا أن نقبل بانهيار سوق العمل (...) ثم إن المؤسسة لم تخسر من أموالها على هذه البرامج وكلها سلف مستردة، أما النظر في مدى دستورية قوانين الدفاع فهذا ليس عمل المؤسسة".
ونفى الرحاحلة أن يكون ثمة تمييز على أساس النوع الاجتماعي في برامج المؤسسة، وقال "نحن نهتم بالمرأة، والمعايير هي على أساس الحاجة وحجم الضرر المترتب على المنشأة بفعل الجائحة".
وحول التوجه نحو تخفيض قيمة الاشتراكات قال الرحاحلة إن ذلك انبثق عن الدروس المستفادة من الجائحة، وقد تمت هندسة هذا القرار بحيث لا يؤثر على الوضع المالي للمؤسسة، ولا يؤثر على حقوق المشتركين.
من ناحيته قال رئيس مركز بيت العمال حمادة أبونجمة في مداخلته: ليس دور الضمان الاجتماعي أن يقدم دعما للمؤسسات أو أصحاب العمل، أو أن يقدم دعما للمرضى وكبار السن، أو للتعليم، أو أن يفرض اقتطاعات من اجور العمال دعما لأصحاب العمل، مشيرا إلى أن اوامر الدفاع التي أتاحت ذلك هناك جدل حول مدى دستوريتها بالطريقة التي تستخدمها الحكومة.
وأضاف أبونجمة أن الضمان الاجتماعي في الأردن هو مجرد تأمينات اجتماعية تعتمد على التمويل التراكمي للاشتراكات، أي بالمحصلة تعتمد على المشترك، فيما منظومة الضمان المتقدمة يجب أن تكون منظومة تأمينية للفرد من المهد إلى اللحد سواء أكان عاملا أم غير عامل. متسائلا عن الأسباب الموجبة لتخفيض قيمة الاشتراكات الآن.
من ناحيتها قالت ريم أصلان، من منظمة العمل الدولية، إن الحفاظ على الوظائف أمر بالغ الأهمية ما يبرر خروج مؤسسة الضمان الاجتماعي عن نطاق دورها ربما، إذ أن ذلك أقل كلفة من خلق وظائف جديدة.
وأشادت أصلان بتجربة الأردن في مجال الضمان الاجتماعي، على نحو يتماشى مع المعايير الدولية.
ودعت إلى شمول رياض الأطفال ببرنامج استدامة بلس، حيث لا نريد أن تركز المؤسسة فقط على القطاعات التي تشغل الرجال، نريد زيادة حجم الاهتمام بتشغيل النساء وزيادة حجم المشاركة الاقتصادية للمرأة.
وفي نهاية اللقاء، أكد المشاركون ضرورة إيجاد صيغة تضمن وصول الدعم الذي تقدمه المؤسسة إلى المستحقين (المتضررين من آثار الجائحة).
جدير بالذكر أنه شارك في الندوة المنسق الحكومي لحقوق الإنسان نذير العواملة، وممثلون عن: وزارة العمل، ومنظمة العمل الدولية، واتحاد نقابات العمال، وتمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، وجمعية معهد تضامن النساء الأردني، ونقابة النقل الجوي، والنقابة العامة للعاملين في البناء، ونقابة الغزل والنسيج، ونقابة الصناعات الغذائية، وبيت العمال للدراسات، واللجنة الوطنية لشؤون المرأة، وعدد من الخبراء والمختصين في الشأن مدار البحث.