عمان- 15 تشرين الأول 2023
تابع المركز الوطنيّ لحقوق الإنسان عن كثبٍ الأحداث الأخيرة التي تشهدها دولة فلسطين الشقيقة وقطاع غزة على وجه الخصوص، نتيجة الاعتداءات الإسرائيليّة منذ بدايتها بتاريخ 7-10-2023.
وفي إطار جهود المركز العمليّة على الصعيدين الإقليميّ والدوليّ، الرامية إلى بلورة مواقف حقوقيّة ثابتة حول الانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان بحقّ الشّعب الفلسطينيّ الشقيق، وأثرها البالغ في المساس بمفهوم الأمن والسلام الشامل والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والإقليم، وتداعياتها العالميّة أيضاً، عقد مجلس أمناء المركز اجتماعاً طارئاً صباح يوم السبت الموافق 14/10/2023؛ لتنسيق هذه الجهود في إطار الإجراءات الحقوقيّة الممكن اتخاذها وفق الآليات الإقليميّة والدوليّة لحقوق الإنسان. وقد شارك المركز في اجتماع الشبكة العربيّة للمؤسسات الوطنيّة لحقوق الإنسان بتاريخ 11-10-2023، بهدف تنسيق الجهود في إطار الآليات الحقوقيّة المشتركة بما يُسهم في وقف الحرب على قطاع غزة، وما يرافقها من انتهاكاتٍ جسيمةٍ لحقوق الإنسان.
وقرّر المجلس بهذا الإطار، فتح غرفة عمليات لمتابعة التّطورات على أراضي دولة فلسطين وقطاع غزة، وتشكيل لجنة خاصة من أعضاء مجلس الأمناء تكون في حالة انعقاد دائم للمتابعة والتنسيق.
ويُشار إلى أنّ المركز شكّل فريق رصد ميدانيّ؛ لرصد الوقفات التضامنيّة التي تشهدها محافظات المملكة كافةً في إطار ممارسة حرّية التّعبير باعتباره سبيلاً مشروعاً لتسليط الضوء على الانتهاكات الممنهجة في قطاع غزة، بالإضافة إلى رصد الإجراءات الحكوميّة المتّخذة للتّعامل مع جميع مظاهر حرّية التّعبير والتجمع السلميّ المندّدة بانتهاكات السّلطات الإسرائيليّة باعتبارها سلطة قائمة بالاحتلال.
وفي إطار موقفه الحقوقيّ، يؤكّد المركز الوطنيّ لحقوق الإنسان على حقّ الشّعب الفلسطينيّ في تقرير مصيره، باعتباره أحد المبادئ التي ارتكز عليها ميثاق الأمم المتخذة، ويحثّ المجتمع الدوليّ بأسره على اتخاذ الإجراءات الفاعلة والسريعة لتطبيق أحكام القانون الدوليّ التي تقضي الوقف الفوريّ للاعتداءات الغاشمة على قطاع غزة التي ترتقي إلى مرتبة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانيّة، وتشكّل خرقاً للقانون الدوليّ الإنسانيّ، والقانون الدوليّ لحقوق الإنسان.
وصوناً للقِيم الإنسانيّة المُشتركة، وفلسفة القِيم والمبادئ الحقوقيّة العالميّة، والجهود الدوليّة التاريخيّة في تأطير مفاهيم مشتركة جامعة لحقوق الإنسان، يحثّ المركز المجتمع الدوليّ ووسائل الإعلام كافةً والمؤثرين إلى ضرورة الحياد والموضوعية في تحليل الأحداث التي تعصف بقطاع غزة، ونقل الحقائق المجرّدة بسياقها الحقوقيّ. وبهذا الإطار، يُثمّن المركز موقف بعض الدول بإدانة واستنكار الحصار المشدّد الذي فرضته سلطات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، ومحاولات تهجير السّكان.
وفي إطار متابعة المركز للأحداث المأساوية الدامية في قطاع غزة، يُحذّر المركز بشكلٍ أساسي من استراتيجية سلطات الاحتلال بعيدة الأمد للتّهجير القسريّ للفلسطينين ونفيهم في محاولةٍ لتفريغ الأرض وإحلال الاستيطان عبر اتخاذ سلسلةٍ من الإجراءات الدمويّة التي تأتي في إطار نهج التطهير العرقيّ الذي يُعتبر من القوانين الأساسية لدى سلطة الاحتلال بموجب قانون القوميّة اليهوديّة، التي جاءت في إطار ممارسات قتل المدنيين وإبادة جماعيّة وتهجير وهدم المنازل والممتلكات والعقوبات الجماعية وغيرها، والاعتداء على الصحفيين وإهدار حمايتهم المقرّرة بموجب اتفاقية جينيف الثالثة والبروتوكول الأول الإضافي الملحق باتفاقيات جنيف لسنة 1977، وما يشكّله هذا الاستهداف المباشر والمقصود بحقّهم بمثابة قتلٍ للحقيقة، ويمثّل جريمة حرب، وتدمير الممتلكات الخاصة الثابتة أو المنقولة، بالإضافة إلى ممارسة الاعتداءات على مقربةٍ من المستشفى الأردنيّ الميدانيّ في قطاع غزة، وقطع الإمداد بالمواد الطبيّة، وتشكيل خطورة على العاملين به، ما أدّى إلى وقف عمل هذا المستشفى الميدانيّ وعدم تمكّنه من تقديم واجباته الإنسانيّة.
ويُشيد المركز بالجهود الدبلوماسيّة الأردنيّة التي يقودها جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حفظه الله في إطار وقف الاعتداءات والانتهاكات الحالية، حيث تابع المركز جهود جلالة الملك الرامية إلى وقف التصعيد الخطير والحرب على غزة، وحماية المدنيين، وسياسة العقاب الجماعيّ، والتهجير القسريّ، وترحيل الأزمة إلى دول الجوار، بالإضافة إلى تسهيل الممرات الإنسانيّة العاجلة لإدخال المساعدات الطبيّة والإغاثيّة، وما تبعها من خطوات عمليّة بهذا الإطار، بما فيها تنفيذ جلالته جولة لعدّة عواصم أوروبيّة للسعي لحشد موقف دوليّ لوقف العدوان على غزة وتداعياتها الإنسانيّة.
وفي الختام، يدعو المركز المجتمع الدولي بجميع مكوّناته إلى ضرورة التّدخل الفوريّ لردع دولة الاحتلال ووقف المجازر التي تُرتكب بحقّ المدنيين في غزة، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بوقف الاعتداءات الآثمة على قطاع غزة، وتطبيق قواعد القانون الدوليّ الإنسانيّ، لا سيّما اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، التي تضمن حماية المدنيين في الأراضي المحتلة، ويدعو أيضاً إلى وجوب تسهيل الممرات الإنسانيّة لإدخال المساعدات الطبية والإغاثية لقطاع غزة وتوفير الكهرباء والمياه.