الوطني لحقوق الإنسان يعقد حلقة نقاشية حول مخرجات اللجنة الملكية لتطوير العمل الحزبي
عمان- عقد المركز الوطني لحقوق الإنسان حلقة نقاشية حول مخرجات اللجنة المكية لتطوير العمل الحزبي، بحضور نائب رئيس اللجنة صالح رشيدات وعدد من أعضائها، وبمشاركة جمع من الأمناء العامين للأحزاب السياسية الأردنية، ونخبة من السياسيين والمعنيين.
وقال رئيس مجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الإنسان الدكتور رحيل الغرايبة في كلمة ترحيبية "إن ثمة تركيز على الحقوق الفردية على حساب الحقوق العامة، ولعل من أوضح الحقوق المجتمعية العامة هو الحق في الانتماء إلى الأحزاب". وأضاف الغرايبة "إن الدول المتقدمة التي أعلت من شأن هذا الحق ونظمته بطريقة صحيحة شهدت نقلة نوعية على جميع المستويات، بينما نحن في العالم العربي كان لدينا حتى وقت قريب الانتماء إلى الأحزاب مدعاة للمعاناة والتضحية، وقد آن الأوان لنتعامل مع حق المجتمع في تشكيل الأحزاب بطريقة صحيحة".
وأشار الغرايبة إلى الاستثناءات الواردة في مخرجات لجنة تطوير العمل الحزبي، والتوسع في منع الموظفين الرسميين من الانتماء إلى الحياة الحزبية، مؤكدا أن "إبقاء بعض المؤسسات خارج دائرة التحزب كالجيش والقضاء هو أمر مطلوب ومحبذ، لكن بعض الاستثناءات غير مبررة لأن العمل الحزبي ليس مناقضا لجوهر عمل الدولة وأهدافها".
وأضاف الغرايبة أن على الأحزاب أيضا دورا في تنمية الحياة الحزبية بعيدا عن التخندق الأيديولوجي والشعارات، بحيث يكون التنافس على أساس البرامج وما يقدمه الحزب للدولة وللمجتمع، دون أن يخص دينا أو مذهبا أو عرقا، بل يكون البرنامج شاملا لكل مكونات الدولة والمجتمع.
وختم الغرايبة بالتأكيد على أن المركز سيدون آراء الحزبيين والمشاركين في هذه الجلسة ويرفع نتائجها وتوصياتها إلى مجلسي النواب والأعيان ليتم الأخذ بها لدى النظر في القوانين.
من جهته قال المفوض العام لحقوق الإنسان علاء الدين العرموطي في مستهل مداخلته التيسيرية لأعمال الجلسة الأولى، إن من الأهمية بمكان فتح باب النقاش حول الوثيقة الخاصة بمخرجات اللجنة الملكية لتطوير العمل الحزبي، وذلك ليتشكل الوعي بتفاصيلها وحيثياتها وبالتالي يصبح من الممكن نقدها وإثراؤها بالمزيد من الأفكار والمعطيات، وبما يسهم في تجويدها بالقدر اللازم لتنمية الحياة الحزبية في البلاد.
وأضاف العرموطي إن المركز الوطني لحقوق الإنسان معني بالجانب الحقوقي والإنساني في هذا الموضوع، ذلك أن قانون المركز ينص على تعزيز النهج الديمقراطي، بالتالي فإن هذه الجلسة الحوارية تصب في صلب عمل المركز.
وقال نائب رئيس اللجنة الملكية لتطوير المنظومة السياسية صالح رشيدات في مداخلته "إنه ورغم طموحنا لإقرار المزيد من المكتسبات لصالح الحياة الحزبية ضمن مخرجات اللجنة الملكية، إلا أن ما تم التوصل إليه يعد نقلة نوعية في تاريخ العمل السياسي الأردني، حيث استطاعت اللجنة الدفع باتجاه جعل الأحزاب جزءا من النظام السياسي". وأضاف رشيدات إن نجاح أي مهمة سياسية يتطلب توفر الإرادة العليا ممثلة بجلالة الملك، والأجهزة الوطنية والسيادية، وهذه الإرادة قد توفرت نحو ضرورة تطوير الحياة الحزبية، واليوم وبموجب مخرجات اللجنة ستصبح الأحزاب - في حال إقرار الأوراق النقاشية - هي الآلية السياسية الأوسع للمشاركة في العمل العام".
وأضاف رشيدات إنه في حال إقرار هذه القوانين فإن العزوف الشعبي أيضا عن الأحزاب سيتلاشى شيئا فشيئا، مؤكدا أن المرأة على وجه التحديد استفادت كثيرا من مخرجات اللجنة حيث تصدرت المشهد السياسي في الأوراق النقاشية، وأُعطيت كل تمنياتها في الصعود والمشاركة في العمل العام.
من ناحيته قال عضو مجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الإنسان سائد كراجة في كلمته التيسيرية لأعمال الجلسة الثانية "إن الإيمان بضرورة الحياة الحزبية في الأردن ليس حديثا، فالأردنيون منذ عشرينيات القرن الماضي لديهم أحزاب أردنية متنوعة المشارب، والمشاركة الشعبية والوعي السياسي متشكل لدى الأردنيين، لهذا فإن التطور المرجو في الحياة الحزبية بموجب مخرجات اللجنة كان عبارة عن تجميع وتكثيف لثقافة حزبية قائمة أصلا، وإذا نجحنا في هذا الأمر فإننا بذلك نكون قد عكسنا ثقافة أصيلة لدى الشعب الأردني".
من ناحيته قال عضو مجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الإنسان وعضو اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية الدكتور إبراهيم البدور "إن عمل اللجنة المعنية بتطوير العمل الحزبي كان محفوفا بالمصاعب بسبب تنوع الممثلين للحياة الحزبية في الحوار من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، ولكن في نهاية المطاف نجحنا في إقامة حوار بناء ومثمر، وفي مرحلة من المراحل حصلت تنازلات من جميع الأطراف لتذليل العقبات".
وأضاف البدور إنه جرى التوافق حول قانون للأحزاب مختلف عن القانون السابق، وجرى تغيير مواد أساسية. مشيرا إلى نقاش مستفيض جرى حول العديد من النقاط الجوهرية كعدد المؤسسين، وتشكيل الائتلافات، وحق طلبة الجامعات في المشاركة بالعمل الحزبي، ومؤكدا أن سقف النقاش كان مرتفعا وصريحا للغاية.
بدوره قال أمين عام حزب الوسط الإسلامي الدكتور مصطفى العماوي، "إننا تحفظنا لدى تشكيل اللجان الفرعية على لجنة الأحزاب، حيث كان حريا التوسع في لجنة الأحزاب، وأن تضم حزبيين لديهم خبرات تراكمية واسعة في العمل السياسي الحزبي، ودراية تامة بالمعيقات التي تعترض عمل الأحزاب في الأردن". مشيدا بدور المركز الوطني لحقوق الإنسان في تنظيم هذه الحوارية، لجهة إجراء بعض التعديلات التي نصبو إليها ورفعها إلى البرلمان".
وانتقد العماوي آلية دعم الأحزاب، حيث إن بعض الأحزاب لم تأخذ حصتها من وزارة الشؤون السياسية نتيجة أخطاء بسيطة جدا، فضلا عن ضرورة وجود شروط وضوابط واضحة للائتلاف والتحالف والاندماج.
وقال أمين عام حزب الجبهة الأردنية الموحدة فاروق العبادي "إن التعديلات الدستورية التي ستفضي إلى تشكيل المجلس الوطني من شأنها إجهاض ما يقال إنه تحقق من مكتسبات للحياة الحزبية بموجب مخرجات اللجنة". وانتقد العبادي دور من أسماها "منظمات المجتمع المدني المدعومة من الخارج، في التأثير غير المباشر على التحديثات الناظمة للحياة الحزبية من خلال تقسيم المجتمع إلى فئات حسب الجنس او الفئة العمرية، مؤكدا أن هذه التقسيمات الجبرية غير الاختيارية تضعف الحياة الحزبية والسياسية في البلاد".
من ناحيته قال النائب محمد هلالات إنه يدلي بمداخلته بصفته نائبا فقط وليس كعضو في اللجنة القانونية بمجلس النواب. وحول الأحزاب السياسية يرى هلالات أنها تعزز النهج الديمقراطي في الدولة، مؤكدا أن مخرجات اللجنة الملكية تنسجم مع الإرادة السياسية وهي تضمنت مكتسبات مهمة جدا. وأضاف هلالات إن تحفيز المواطنين على المشاركة في الحياة الحزبية يتطلب وجود ضمانات لحقوق الإنسان في الانتماء إلى الأحزاب، معربا عن تأييده للتعديلات الدستورية.
بدوره قال نائب أمين عام حزب الإصلاح محمد الخالدي إن تجربة الائتلافات الحزبية ليست ناجحة للأسف، وهنا علينا الاستفادة من الفرصة القائمة لضبط آلية الائتلاف والاندماج الحزبي. وأضاف الخالدي إنه لا يؤمن بحزب ينشأ من مال الدولة، مؤكدا أن أحزابا ناجحة كانت تعمل بقدرات ذاتية محدودة ورغم ذلك كانت ذات تأثير وحضور كبير.
أما عبلة أبوعلبة - الأمينة العامة لحزب الشعب الديمقراطي الأردني حشد، فقالت إن اللجنة الملكية فتحت بابا واسعا للحوار حول أزمات كبرى عانت منها البلاد بسبب القوانين المعمول بها حاليا لاسيما قانوني الانتخاب والأحزاب، فكلاهما يقيدان العمل الحزبي الجماعي ويقصيان الأحزاب السياسية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية. وأضافت أبوعلبة إن التمثيل النسبي للقائمة الحزبية هو مفهوم ديمقراطي جديد كليا على الساحة الأردنية وأملنا أن يطبق هذا التمثيل النسبي على الانتخابات النقابية وكل المؤسسات المنتخبة، إذ من شأن هذا المفهوم أن يعزز الديمقراطية.
وحول شروط تأسيس الأحزاب قالت أبوعلبة "نحن تقدمنا باعتراضاتنا داخل اللجنة الملكية، ثم لدى اللجنة القانونية في مجلس النواب، وأعلنا في خطابنا اعتراضنا على بعض النقاط منها آليات حضور المؤتمرات الحزبية، ونسبة الحسم، وإعادة التأسيس وفق النسب التي تلبي دمج بعض الفئات الاجتماعية والعمرية".
من ناحيته قال أمين سر حزب جبهة العمل الإسلامي ثابت عساف إن مخرجات اللجنة متواضعة بالنظر إلى ما كان مأمولا، لكنها لبنة في الاتجاه الصحيح، مؤكدا أن ألمخرجات المرتبطة بلجنة الأحزاب لن تنعكس وحدها على العمل الحزبي إنما المخرجات مجتمعة، فكلها تؤثر على العمل الحزبي كالشباب والمرأة والتعديلات الدستورية وقانون الانتخاب.
وأضاف عساف إن قانون الأحزاب مليء بالاشتراطات، ولا يصنع تعددية حزبية حقيقية خارج إطار ثنائية الدولة والحركة الإسلامية، وإن مجرد شعور بعض الأحزاب أنها يمكن أن تتلاشى وتحل بموجب القانون الجديد هو بحد ذاته إشكالية لابد من التوقف عندها. مشيرا إلى ضرورة رفع القبضة الأمنية عن العمل الحزبي في البلاد.
نائب أمين عام حزب التيار الوطني حمدي مراد قال إن مخرجات اللجنة الملكية حققت 30% مما ينبغي أن يكون على الأرض، وهناك ثلاث مراحل قادمة ستتنامى فيها عملية العطاء الحزبي بشكل فاعل بعد ان أصبح لدينا قرار سياسي واضح لا يقبل التأويل.
وأضاف مراد أن وجود أحزاب لا أثر لها على الساحة لا يعتبر مشكلة، لأن محض وجودها هو بمثابة إعلان للون ديمقراطي، وهو ما يستوجب مراعاة ذلك في القوانين، فالدول العظمى في ديمقراطياتها سمحت للفرد الواحد بأن يقيم حزبا، مؤكدا تحفظه على نسبة 20% للنساء والشباب بوصفها قفزة عالية، وتحفظه أيضا على عوائق تحول دون تشكيل ائتلافات حزبية.
وفي نهاية الجلسة الختامية دار نقاش عام بين المشاركين وأثيرت سلسلة من الردود على عدد من المعطيات والأفكار التي طرحها المتحدثون.