يكتسب هذا اليوم العاشر من كانون أول لهذا العام ٢٠٢٣ أهميةً خاصةً على الصعيد الحقوقيّ، إذ يصادف مرور خمسة وسبعون عاماً على اعتماد الوثيقة الحقوقية الأساسية "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"، والتي شكّلت خلاصة التجربة البشرية الحقوقية، باعتبارها أول توافق دوليّ على الحدّ الأدنى من المعايير المشتركة لحماية وتعزيز حقوق الإنسان وحرياته.
وتأتي هذه المناسبة الحقوقيّة هذا العام في ظل عدوان تمارسه إسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وعموم الأراضي الفلسطينيّة، هذا العدوان الذي ترتكب خلاله جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وجرائم الإبادة الجماعية، وتُنتهك خلاله الاتفاقيات الدولية كافة في مجال القانون الدولي الإنسانيّ والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وهو ما يعتبره المركز تجاوزات وانتهاكات جسيمة لهذين القانونين وللضمانات القانونية الواردة فيهما والتي تكفل حماية خاصة للأطفال والنساء وكبار السن والأشخاص من ذوي الإعاقة وللصحفيين والطواقم الطبية ومقدمي المساعدات وبصورة عامة المدنيين. بالإضافة الى ما خلفه هذا العدوان من استهداف للأعيان المدنية والمؤسسات الصحفية والإعلامية والمدارس والمستشفيات وكذلك الاعيان الثقافية، هذه الاعتداءات التي تشكل في مجملها جرائم ضد الإنسانية، الأمر الذي يتطلب اتخاذ الدول كافة ووفقا لالتزاماتها الدولية الإجراءات اللازمة لوقف هذا العدوان .
وعليه، فإن المركز يؤكد على ضرورة الوقف الفوري لهذه الأعمال العدائية، وعلى ضرورة نهوض المجتمع الدوليّ وجميع أجهزة الأمم المتحدة بمسؤولياتهم في التصدي لهذا العدوان، وضرورة أن لا ينسى العالم بأسره أن تبنّي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان جاء ابتداءً لتجنيب العالم ويلات الحروب التي قاست منها البشرية، وهو الأمر الذي أكده ميثاق الأمم المتحدة، الذي جاء في ديباجته :"نحن شعوب الأمم المتحدة وقد آلينا على أنفسنا أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي جلبت على الإنسانية مرتين أحزاناً يعجز عنها الوصف، وأن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره...".
وفي هذه الإطار، وفي ضوء متابعة المركز استجابة المجتمع الدولي للعدوان على قطاع غزة، يدعو المركز بشكل خاص المجتمع الدولي ومؤسساته ضرورة استنهاض القيم الإنسانية المشتركة التي تضمنها الإعلان العالمي لحقوق الانسان ، وفي الوقت ذاته اتخاذ الإجراءات اللازمة بما يضمن تطبيق القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وعلى وجهٍ خاص تطبيق القرار الصادر عن الأمم المتحدة بتاريخ 26/10/2023 والذي جاء بمبادرة اردنية وحظي بتصويت 120 دولة والذي يدعو الى وقف الاعمال العدائية وكذلك وقف التهجير القسري وتسهيل مرور المساعدات وعدم الاعتداء على المستشفيات والمدارس والاعيان المدنية وهو قرار جاء في مرحلة مبكرة من العدوان، وكذلك مساندة إجراء الأمين العام للأمم المتحدة بموجب المادة ٩٩ من ميثاق الأمم المتحدة، بعيداً عن ازدواجية المعايير التي نشهدها، والتي تحمل رسائل للشعب الفلسطينيّ عموماً وقطاع غزة بشكل خاص أن حياتهم ليست بذات الأهمية ولا تستحق الرعاية والاهتمام اللازمين.